المشاركات

عرض المشاركات من أغسطس, 2025

كوالالمبور وهندسة المشهد السوداني..!

صورة
وجه الحقيقة | إبراهيم شقلاوي  كوالالمبور وهندسة المشهد السوداني..!     علي مدى ثلاثة أيام انعقد في العاصمة الماليزية كوالالمبور بين 26 و28 أغسطس 2025، ورشة تشاورية بدعوة من منظمة "بروميدييشن" الفرنسية وبتنسيق مع السلطات الماليزية، مثّل هذا الانعقاد محاولة جديدة لفتح هامش سياسي في المشهد السوداني الذي يكاد يكون مغلقًا. اجتمعت هذه القوى السياسية السودانية في مسعى لإحياء مشروع وطني أرهقه الانقسام وعمقته الحرب، وذلك لبحث مقاربة بديلة تعيد رسم خطوط الأزمة على أسس سياسية، بعيدًا عن منطق الصراعات الصفرية. البيان الختامي الذي تم تداوله علي نطاق واسع  عكس في مضمونه توجها واضحًا نحو إعادة تعريف الأزمة السودانية، بوصفها تمردًا مسلحًا على الدولة ومؤسساتها، وهو ما اتضح منذ الأسطر الأولى التي ابتدأت بتحية وتثمين لتضحيات القوات المسلحة والقوات النظامية والمستنفرين، مع التأكيد الصريح على شرعية الدولة ووحدتها وسيادتها. هذا التوصيف الدقيق الذي يعتبر موقف سياسي و أخلاقي و تضامني، مع السودانيين في محنة الحرب، جاء في سياق محاولة إعادة ترسيم الموقف الوطني على المستوى الدو...

أمن الخرطوم بين السياسة والتخطيط التنموي..

صورة
وجه الحقيقة | إبراهيم شقلاوي أمن الخرطوم بين السياسة والتخطيط التنموي..       كشفت حرب 15 أبريل 2023 وما تبعها  من انهيار أمني واسع في ولاية الخرطوم عن هشاشة بنيوية واضحة في الجغرافيا والعمران والنظام السياسي، ما أتاح لمليشيا الدعم السريع السيطرة على مساحات واسعة رغم تواجد الجيش والاجهزة  الأمنية الأخرى داخلها ، الأمر الذي يستدعي إعادة نظر  في مفهوم الأمن وآلياته .  هذه الواقع المحزن أكد غياب الرؤية ألاستراتيجية  للأمن الشامل، والذي يُفترض أن يربط بين الجغرافيا والتخطيط الحضري والسياسات التنموية في إطار مقاربة متكاملة للأمن الوطني. إن خصوصية ولاية الخرطوم التي تحتضن العاصمة السياسية والإدارية للبلاد، تجعل من أمنها مسألة تتجاوز وظيفة الشرطة أو الإجراءات الأمنية المباشرة. فهي مركز القرار السيادي، وموقع الالتقاء بين النيلين، ونقطة تمركز ديموغرافي، بجانب أنها مدينة منبسطة مفتوحة من الجنوب والغرب، ومقسّمة جغرافيًا إلى ثلاث مناطق حضرية تفصل بينها مجاري مائية لا تُمثّل عائقًا عسكريًا حقيقيًا.  هذه الطبيعة الطبوغرافية والبنيوية، إلى ...

حكم الجيش..

صورة
وجه الحقيقة | إبراهيم شقلاوي  حكم الجيش..      بلادنا اليوم تمضي تجاه إعادة تشكيل معادلة السلطة في ظل حرب توشك ان تدخل  عامها الثالث، اقعدت بالمؤسسات والمجتمع. الاسبوع الماضي جاء إعلان انعقاد أول اجتماع لهيئة قيادة القوات المسلحة بكامل عضويتها، برئاسة القائد العام الفريق أول ركن عبد الفتاح البرهان بمثابة إعلان ضمني عن بداية مرحلة جديدة تتجاوز تقاليد المؤسسة العسكرية في السودان ، وتطرح نفسها كفاعل سياسي مباشر في مستقبل الدولة.  ما يجعل هذا الاجتماع استثنائيًا بجانب توقيته ، أيضًا الطريقة التي أُعلن بها. إذ لم يكن من المألوف أن تُعرض اجتماعات هيئة القيادة بهذه العلنية، حيث ظلت لسنوات طويلة محصورة في غرف مغلقة، ولا يُسمع عنها في الإعلام إلا في إشارات مقتضبة.  أما اليوم فإن الإعلان عن الاجتماع، والتغطية الإعلامية الكثيفة التي صاحبته، يؤشر إلى تحول نوعي في تعاطي الجيش مع الرأي العام، ومع فكرة السلطة. لقد غادرت المؤسسة العسكرية مربع التحفّظ إلى فضاء الإعلان، انطلاقاً من قناعة بأن الظرف الراهن يفرض على الجيش أن يتحمل مسؤوليته الوطنية والسياسية بوض...

السودان: حساب الدم والسياسة..!

صورة
وجه الحقيقة | إبراهيم شقلاوي  السودان: حساب الدم والسياسة..!       منذ اندلاع الحرب في 15 أبريل 2023، شهد السودان اختبارًا وجوديًا حقيقيًا بعدما شرعت قوات الدعم السريع في انقلاب مسلح ضد الدولة. ما تلا ذلك من أعمال دموية ضد المدنيين في دارفور وكردفان والخرطوم  والجزيرة وصفت بأنها تتراوح بين جرائم حرب، تطهير عرقي، وربما إبادة جماعية. لم تكتف تلك المليشيا بالتمرد على الجيش الوطني، بل استخدمت السكان كدروع بشرية، ونفذت عمليات قتل واغتصاب ونهب ممنهج، في سلوك يذكّر بتجارب المليشيات في أسوأ النزاعات الإفريقية. في ظل هذا الواقع، سجّلت دارفور خلال 10 أيام فقط مقتل 160 مدنيًا، بينهم 16 تم تنفيذ موتهم  بإعدام ميداني، وفقًا لمكتب حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة . وفي كردفان شنّت قوات الدعم السريع هجومًا وحشيا  على قرية "شق النوم" بمدينة بارا بولاية شمال كردفان  بتاريخ 12 يوليو، أودى بحياة أكثر من 450 مدنيًا، بينهم نساء وأطفال، حسب شهادات صادمة نقلتها وكالة AP فضلا عن إنتهاكات مماثلة في قري شرق  الجزيرة  السريحة وود النورة والهلالية...

سد النهضة : تشغيل بلا شراكة..!

صورة
وجه الحقيقة | إبراهيم شقلاوي  سد النهضة : تشغيل بلا شراكة..!       في 24 أغسطس 2025، أقدمت إثيوبيا على فتح ثلاث بوابات من المفيض العلوي في سد النهضة، بعد أن وصل منسوب التخزين إلى قرابة 69 مليار متر مكعب، مقتربًا من المنسوب الأقصى البالغ 74 مليار متر مكعب. وعلى الرغم من أن هذه الخطوة لم تكن مفاجئة ، فإن توقيتها شكّل مصدر قلق كبير لبلادنا ، بالنظر إلى غياب التنسيق المشترك ورفض إثيوبيا الالتزام بأي اتفاق قانوني ملزم ينظّم عملية الملء والتفريغ، وهي نقطة طالما نادى بها السودان إلى جانب مصر للحفاظ على كفاءة السدود والبنية التحتية المائية في البلدين. الخطوة الإثيوبية هذه، على غرار ما حدث في المواسم السابقة، جاءت دون إشعار مسبق أو ترتيبات فنية واضحة مع دولتي المصب، ما يعكس استمرار نمط الإدارة الأحادية للموارد المائية المشتركة. وعلى الرغم من أن فتح المفيض كان متوقعًا في ضوء ارتفاع مناسيب المياه في بحيرة السد، فإن التأخر في التنفيذ فاقم من المخاوف بشأن احتمالية تدفقات مفاجئة وغير محسوبة نحو السودان، وخصوصًا نحو سد الروصيرص الذي يقع على بعد أميال قليلة من السد ...

الدعم السريع : صناعة الفوضي ومأزق الاقليم..!

صورة
وجه الحقيقة | إبراهيم شقلاوي  الدعم السريع : صناعة الفوضي ومأزق الاقليم..!    وصلني عبر البريد الخاص بـوجه الحقيقة ، تقرير بالغ الأهمية من مركز السودان لدراسات مكافحة الإرهاب، أحد أهم الكيانات البحثية الوطنية التي برزت خلال السنوات الأخيرة بدوره  في تعزيز السلم الأهلي، واحتواء النزاعات، ومكافحة التهديدات الإرهابية. التقرير الصادر في 25 أغسطس 2025  تمت ترجمته وتحليله نقلا عن كاتب امريكي من اصول  سودانية  مقيم في الولايات المتحدة الأمريكية مع اضافات استقصائية قام بها المركز، يقدم تحليلًا دقيقًا لدور مليشيا الدعم السريع في زعزعة استقرار السودان والمنطقة، مع تسليط الضوء على دعم خارجي مشبوه ، وحرب بالوكالة تتخذ من السودان مسرحًا مفتوحًا لصراعات القوى الإقليمية والدولية. التقرير بدأ بالحديث عن السياق الاستراتيجي للنزاع السوداني الذي يمثل السودان فيه نقطة ارتكاز جغرافية فريدة في القارة الإفريقية؛ فهو يتوسط خطوط تماس بين الشمال ، والساحل، والقرن الإفريقي، والبحر الأحمر، ما يجعله موضع اهتمام بالغ لدى قوى محلية ودولية، وكذلك الجماعات المتطرفة العابرة...

حكومة الأمل.. ترقب الشارع وثقل البدايات..!

صورة
وجه الحقيقة | إبراهيم شقلاوي حكومة الأمل.. ترقب الشارع وثقل البدايات..!      تمر البلاد في هذه المرحلة بتحولات معقدة وتحديات كبيرة ، تبرز معها "حكومة الأمل" كمشروع سياسي يُعوّل عليه في استعادة الثقة ، وفتح مسار فعّال نحو الاستقرار والتنمية. إلا أن تعثر الأداء ، في ظل محدودية الفاعلية وضعف التنسيق المؤسسي، وتزايد المطالب الشعبية بحلول عملية، يضع هذه الحكومة أمام اختبار حقيقي لمدى قدرتها على الانتقال من التعهدات إلى التطبيق، ومن الخطاب السياسي إلى السياسات العملية القادرة على إحداث تحول ملموس في بنية الحكم وأداء مؤسسات الخدمة العامة. لذلك لا يكفي الإعلان عن النوايا الطيبة أو إطلاق الوعود البراقة؛ بل المطلوب هو تجاوز الإرباك المؤسسي والبطء في اتخاذ القرار، واستعادة ثقة المواطنين التي تآكلت جراء سنوات من غياب الرؤية الإصلاحية وتراكم الوعود غير المنجزة. الحوار التلفزيوني الأخير لرئيس الوزراء د. كامل إدريس، رغم ما حمله من رسائل مهمة، لم يحقق التفاعل الشعبي المنشود، مما يعكس فجوة واضحة بين السلطة التنفيذية والرأي العام. كثيرون رأوا أن الحديث عن إعادة إعمار الخرطوم، ق...

الخرطوم الجديدة... كما قال محدثي..!

صورة
وجه الحقيقة | إبراهيم شقلاوي الخرطوم الجديدة... كما قال محدثي..!      عندما تطرح الحكومة رؤيتها بوضوح، وتحدد أولوياتها ومشاريعها الكبرى، فإنها تفتح الباب لبيئة يسودها التفاؤل والثقة، وتحفّز القطاع الخاص على الاستثمار الفعّال، كما تُشعل حماس المواطنين الذين يتطلعون إلى إعادة بناء الخرطوم على أسس حديثة ومستدامة.  مثل هذا الإعلان كما قال لي صديقي الباشمهندس محمود حسين،  يمثل بداية لمرحلة جديدة من الشراكة والتكامل بين الدولة والقطاع الخاص والمجتمع السوداني، في سبيل تحويل الخرطوم إلى نموذج حضري واقتصادي يليق بتاريخ السودان ومكانته. قرار الفريق إبراهيم جابر، رئيس لجنة إعادة الإعمار بنقل المؤسسات الحكومية من وسط الخرطوم، هو بمثابة إعلان نهاية الخرطوم القديمة وبداية تشكّل مدينة جديدة بهوية مختلفة. إنها دعوة غير مباشرة لإعادة تخيّل العاصمة، كفرصة جديدة لإعادة البناء من الجذور.  الخرطوم كما عرفناها قد انتهت؛ والسؤال لم يعد: أين ستنتقل المقرات؟ بل: من سيكتب الصفحة التالية من تاريخ الخرطوم؟ هل نتركها للوافدين، أم ننهض لننقش أسماءنا في طرقات الخرطوم القادمة؟...

انقلابات الإسلاميين ومدنية خصومهم..!

صورة
وجه الحقيقة | إبراهيم شقلاوي  انقلابات الإسلاميين  ومدنية خصومهم..!     تتصاعد بين الحين والآخر في الفضاء العام موجات من الشائعات حول محاولات انقلابية مزعومة، وغالباً ما تتزامن مع فترات احتقان سياسي وأمني تمر بها البلاد، وتُنسب هذه المحاولات عادةً إلى عناصر محسوبة على التيار الإسلامي أو إلى قيادات عسكرية سابقة.  آخر هذه المزاعم جاءت الاسبوع الماضي في أعقاب حملة إعفاءات عسكرية طالت بعض الجنرالات، لتنتشر على منصات التواصل الاجتماعي أخبار عن محاولة انقلابية جديدة، أُحبطت قبل أن ترى النور. اللافت أن من وردت أسماؤهم في هذه الأخبار، كانوا في وقت سابق محل اتهام بمحاولات مماثلة، بل ووقف بعضهم أمام القضاء العسكري بالفعل. لكن في واقع الحال، فإن التفكير بعقلانية يفرض سؤالًا مشروعًا: ما الجدوى من المغامرة بانقلاب عسكري في بلدٍ غارقٍ في أتون حرب ضروس للعام الثالث على التوالي؟ بلدٌ نصف سكانه بين نازح ولاجئ، ومدنه منهكة، ومؤسساته الخدمية والتعليمية  مشلولة منذ أكثر من عامين. هل في مثل هذا السياق يمكن تصور أن ضباطًا عقلاء سيخوضون مغامرة من هذا النوع؟ أم أن ما ي...

سردية حرب الكرامة والذاكرة الوطنية..!

صورة
وجه الحقيقة | إبراهيم شقلاوي سردية حرب الكرامة والذاكرة الوطنية..!    ما تزال آثار الحرب شاخصة في الوجدان السوداني، تُذكِّر الأجيال بأن تضحيات عظيمة قد بُذلت في سبيل الكرامة والسيادة. هذه التجربة القاسية طرحت سؤالًا وطنيًا مهماً : كيف نحافظ على ذاكرتنا الجمعية من التفتت والضياع، ونحوّلها إلى ركيزة لبناء مستقبل أكثر وحدة واستقرارًا؟ فالذاكرة الوطنية ليست مجرد سجل تاريخي أو نصوص تُدوّن في الكتب، بل هي حجر الأساس لهوية الدولة الحديثة، وعبرها يستمد المواطن إحساسه بالانتماء، ويتماسك المجتمع أمام الأزمات. وإذا غابت سردية موحّدة ، تحوّلت الذاكرة إلى ساحة متنازعة، تنتشر فيها روايات متضاربة تزيد الانقسامات وتضعف فرص الاستقرار والنهوض. الواضح طبيعة حرب الكرامة خلّفت آثارًا عميقة في كل بيت سوداني، وباتت الحاجة ملحة لتكوين لجنة وطنية تضم علماء ومؤرخين ومثقفين، تتولى جمع الشهادات الحية وتوثيق الأحداث ورسم خريطة جامعة للتجربة السودانية. وجود هذه اللجنة سيحمي السردية من التحريف والتسيس، ويمنح الأجيال المقبلة مرجعًا أصيلًا يستلهمون منه العبرة والدروس. لكن لا يمكن الاعتماد على قراء...

فيديو حرك الوجدان واعاد تعريف المواطنة..!

صورة
وجه الحقيقة | إبراهيم شقلاوي   فيديو حرك الوجدان واعاد تعريف المواطنة..!     بالأمس انتشر مقطع فيديو قصير انتشار النار في الهشيم  عبر وسائل التواصل الاجتماعي احتفي به الناس وسط دموع العظمة والكبرياء ، بدأ ذلك الإيمان متجسدًا في هيئة الشاب السوداني " طلال الركابي" الذي فقد إحدى ساقيه في ساحة القتال في "معركة الخوى" ، عاد في ثبات الابطال مرفوع الرأس، مُشرق الوجه، يحتضنه اخوانه ويهتفون معه في مشهد تجاوز الحرب إلى بُعدٍ إنساني وسياسي بالغ الأهمية و الدلالات . لقد ظهر طلال معبرا عن جيل بأكمله عرف كيف تعلي القيم ويصان التراب، وكأن في بتر ساقه استعادة للكرامة و للسيادة الوطنية التين كانتا علي المحك.  كما نعلم في لحظات التحدي ، حين تهتز أركان الدولة، وتكاد الهوية ان تُطمس ، يبرز على السطح معدن الرجال الحقيقيين.. وفي السودان، حيث واجهت البلاد أخطر تهديد وجودي في تاريخها الحديث، لم تأتِ النجدة من غرف السياسة ولا من موائد التفاوض ولا من ساحة الاعتصام، بل من أعماق المجتمع، من قاعات الدرس ومواقع العمل، من بين الأطباء والمهندسين والمعلمين وموظفي القطاعين العا...

البرهان يُهندس الملعب لمرحلة جديدة

صورة
وجه الحقيقة | إبراهيم شقلاوي  البرهان يُهندس الملعب لمرحلة جديدة      قرارات اعادة تشكيل هيئة الاركان والترقية والإحالة التي أصدرها رئيس مجلس السيادة والقائد العام للقوات المسلحة، الفريق أول ركن عبد الفتاح البرهان، أمس، قد تبدو  إجراءً إداريًا روتينيًا في سجل المؤسسة العسكرية السودانية. لكن التوقيت والسياق يشيران إلى ما هو أبعد من مجرد ترتيبات تنظيمية، ربما إلى إعادة توزيع مراكز التأثير داخل جيش خرج لتوّه من أخطر مؤامرة في تاريخه، كانت تستهدف وجوده ووجود الدولة نفسها . بين أسماء رُقّيت وأخرى أُحيلت للتقاعد، تتشكل ملامح مرحلة جديدة، لا تقتصر على إعادة ترتيب البيت الداخلي للقوات المسلحة، بل تمتد إلى علاقة الجيش بمؤسسات الدولة الأخرى، وربما إلى المشهد السياسي والأمني في البلاد بأسره. ومن المرجّح أن تشهد  أجهزة الأمن والمخابرات والشرطة خطوات مشابهة، في ما يشبه إعادة هيكلة متكاملة للأجهزة النظامية كافة، بما ينسجم مع المتغيرات الحالية ويعيد تثبيت أركان الحكم. من المعلوم أن القوات المسلحة السودانية لم تعد مجرد مؤسسة نظامية تؤدي واجبها الوطني ضمن تسلسل ...

الخرطوم... حوافز تنتظر العائدين.

صورة
وجه الحقيقة | إبراهيم شقلاوي الخرطوم... حوافز تنتظر العائدين.      تعيش ولاية الخرطوم واحدة من أعقد لحظات تاريخها المعاصر، بعد الحرب التي جعلت العاصمة في حالة من التشظي والتراجع، عقب موجات من  النزوح الجماعي للمواطنين، وتدمير واسع للبنية التحتية، وانهيار شبه كامل في الخدمات الأساسية.  هذا الواقع يفرض تحديًا وجوديًا على الولاية بكاملها : كيف تعود إلى الحياة؟ وكيف يعود الناس إلى منازلهم وسط هشاشة أمنية واقتصادية ما تزال تلقي بظلالها  على كل التفاصيل؟ إلى جانب مظاهر الدمار  هناك تفكك أصاب مؤسسات الدولة، بالإضافة الي ضعف الثقة بين مكونات المجتمع، وغياب المشروع الوطني الجامع للسودانيين. الخرطوم اليوم عاصمة منكوبة تحتاج إلى إعادة بناء الثقة، و عقد اجتماعي جديد يُعيد تعريف العلاقة بين المواطن والدولة، ويؤسس لمرحلة مختلفة في الفكر والممارسة. فاستعادة الأمن على أهميته، لا يكفي وحده، بل لا بد من مشروع متكامل يعيد بناء الإنسان والمؤسسات.  وسط هذا الواقع المعقد، بدأت تلوح في الأفق بوادر أمل. الحكومة الجديدة برئاسة الدكتور كامل إدريس تحاول تقديم إج...

القاش.. ومشروعات السدود الجديدة.

صورة
وجه الحقيقة | إبراهيم شقلاوي   القاش.. ومشروعات السدود الجديدة.    شهد نهر القاش مطلع الاسبوع ارتفاعًا غير مسبوق في منسوب المياه عند محطة كبري كسلا، حيث بلغ 290 سنتيمترًا، مقارنة بـ160 سنتيمترًا في اليوم السابق، وهو ما يعد أعلى مستوى منذ بداية موسم الأمطار لهذا العام. هذا التصاعد السريع في المياه، الذي تزامن مع هطول أمطار غير مسبوقة في ولاية كسلا، أعاد فتح ملف العلاقة بين الفيضانات الموسمية وخطط الدولة في إدارة الموارد المائية، لا سيما في ظل التحديات المناخية المتزايدة. ما يحدث في القاش سنويا من فيضان متجدد يعد مؤشرا سياسيا واقتصاديا بالغ الدلالة على فجوة السياسات العامة في التعامل مع المياه كعنصر استراتيجي للأمن الوطني. وفي ظل تصاعد المخاوف من تكرار سيناريو الفيضانات التي ضربت مناطق مثل أروما والدلتا شمال كسلا، سارعت السلطات المحلية بتعزيز إجراءات الحماية والترويض، عبر تدعيم الجسور ومعالجة الانهيارات، كجزء من برنامج دفاعي أكثر منه تنموي.   بالرغم من وجود قرار مجلس الوزراء السوداني رقم 16 الصادر في العام 2021، الذي أعاد تبعية مشروع القاش الزراعي إلى ...

السودان.. تجريف الغابات وتحديات البيئة ما بعد الحرب.

صورة
وجه الحقيقة | إبراهيم شقلاوي  السودان.. تجريف الغابات وتحديات البيئة ما بعد الحرب.        يشكل الحزام الأخضر في ولاية الخرطوم أحد المشروعات البيئية الاستراتيجية التي أُنشئت خلال العقود الماضية لمواجهة تحديات التصحر والتوسع العمراني غير المنظم.  يعود تأسيس هذه المبادرة إلى أواخر الثمانينيات وبداية التسعينيات، في سياق البرامج الوطني الذي يستهدف استعادة الغطاء النباتي والحفاظ على التنوع البيئي في السودان، بدعم من منظمات الأمم المتحدة للبيئة (UNEP) ومنظمة الأغذية والزراعة (FAO ). وقد كان الحزام الأخضر حول الخرطوم حلقة أساسية في منظومة استدامة البيئة الحضرية وتأمين الموارد الطبيعية ، إلا أن الأوضاع الراهنة التي خلّفتها الحرب دمرت هذه المكتسبات . الحرب التي اشتعلت في بلادنا و في  الخرطوم وما حولها لم تقتصر آثارها على الخسائر البشرية والمادية، بل طالت النسيج البيئي الذي يُعد ركيزة أساسية لاستقرار الحياة الحضرية والتنمية المستدامة.  شهد الحزام الأخضر قطعًا كاملًا لأشجاره، نتيجة الحاجة الملحة للوقود في ظل انقطاع مصادر الطاقة التقليدية، لا سيما ...

البرهان في النقعة..

صورة
وجه الحقيقة | إبراهيم شقلاوي البرهان في النقعة..      من قلب منطقة النقعة والمصورات بولاية نهر النيل، إحدى أيقونات الحضارة الإنسانية  ، اختار رئيس مجلس السيادة القائد العام للقوات المسلحة الفريق أول ركن عبد الفتاح البرهان ، أن يخاطب الشعب السوداني بالأمس في الذكرى المئوية لتأسيس الجيش ومرور 71 عامًا على سودنته.  فيما يبدو اختيار المكان ليس صدفة، بل قرارًا سياسيًا واعيًا، مدروسًا، ومدعومًا برؤية إعلامية ذكية تعرف كيف توظف رمزية الموقع في معركة تتجاوز حدود المواجهة العسكرية إلى  السيادة والوجود والشرعية. النقعة تمثل شاهداً حياً على عراقة الحضارة السودانية وتاريخها. فقد كانت مدينة مهمة في المملكة الكوشية، وشهدت تعاقب الممالك وبناء معابد بارزة مثل آمون ومعبد الأسد الذي تم بناءه حوالي 225 ق.م  حيث تلاقت الروحانية الدينية بالسياسة والادارة ليصنعا التاريخ .  النقعة تقع على بُعد نحو 170 كيلومتر شمال شرق الخرطوم، وتبرز كمركز مهم على طرق التجارة القديمة، مما منحها أهمية كبيرة  تعرف بمعابدها المتنوعة .  أن يأتي خطاب الرئيس البرهان من هذ...

الموارد المائية.. وزارة فقدت مكانتها..!

صورة
وجه الحقيقة | إبراهيم شقلاوي الموارد المائية.. وزارة فقدت مكانتها..!     أثار القرار الوزاري رقم (10) لسنة 2025، بتعيين مدير فني لمكتب وزير الزراعة والري للإشراف على قطاع الري والموارد المائية، جدلًا واسعًا، لما يحمله من دلالات تتجاوز الجانب الإداري إلى أبعاد سياسية تمس إعادة توزيع السلطة داخل الجهاز التنفيذي، وتمس موقعًا سياديًا طالما كان أحد أعمدة الأمن القومي السوداني. فالخطوة التي حوّلت وزارة الموارد المائية إلى وحدة فنية تابعة لمكتب وزير الزراعة، تعني فعليًا تجريد هذا القطاع من استقلاله الفني والسياسي، دون إعلان واضح للمهام والاختصاصات، ودون ضمان لمكانته ضمن الهيكل السيادي للدولة، الأمر الذي أثار مخاوف حقيقية من خلل في الرؤية الاستراتيجية للدولة تجاه أهم مواردها.. حيث اعتبره مراقبون أمرا كارثيا.  وزارة الموارد المائية ليست جهازًا عاديًا؛ فهي من أقدم المؤسسات السيادية في السودان، نشأت أوائل القرن العشرين مع مشاريع كبرى مثل مشروع الجزيرة، وأسهمت على مدى أكثر من مئة عام في إدارة أكثر الملفات تعقيدًا وحساسية، محليًا وإقليميًا، من تشغيل ستة خزانات كبرى وم...

سويسرا.. فصل جديد من العلاقات السودانية الأمريكية

صورة
وجه الحقيقة | إبراهيم شقلاوي سويسرا.. فصل جديد من العلاقات السودانية الأمريكية   في تطور لافت بالعلاقات السودانية الأمريكية، التقى رئيس مجلس السيادة السوداني، الفريق أول عبد الفتاح البرهان، بمستشار الرئيس الأمريكي للشؤون الإفريقية، مسعد بولس، يوم الإثنين 11 أغسطس 2025 في زيورخ، بطلب مباشر من واشنطن، وفقًا لـ"العربية". اللقاء يعكس تغيرًا في نهج الولايات المتحدة تجاه الملف السوداني، وتراجعًا عن الاعتماد التقليدي على الوسطاء الإقليميين، وعلى رأسهم الإمارات. اللقاء، الذي لم يُعلن عنه رسميًا في الخرطوم حتي اللحظة ، يعكس مستوى متقدمًا من الثقة بين الطرفين، ويجسّد مرحلة جديدة من الحوار المباشر، بعيدًا عن القنوات التي  كانت مؤثرة في توجيه مسار الأزمة السودانية. الولايات المتحدة، وفق مصادر متعددة، وضعت على طاولة النقاش مقترحًا واضحًا لوقف شامل لإطلاق النار في السودان، كجزء من رؤية أشمل لإعادة ترتيب المشهد السياسي والأمني، وترسيخ دور السودان كشريك فاعل في مكافحة الإرهاب وتعزيز أمن البحر الأحمر، وهو الملف الذي بات يحتل أولوية متقدمة في الأجندة الأمريكية، بالنظر إلى تعقيدات ا...

إدارة الفيضان بين سد النهضة وسدود السودان..

صورة
وجه الحقيقة | إبراهيم شقلاوي  إدارة الفيضان بين سد النهضة وسدود السودان..     من واقع التدفقات المائية هذا العام  2025 ، أثبتت منظومة السدود السودانية حتي الأن قدرتها على إدارة فيضان نهر النيل الأزرق بكفاءة عالية ، رغم المتغيرات الإقليمية المعقدة المرتبطة بسد النهضة الإثيوبي. مع بلوغ الإيرادات المائية ما يقارب 98 مليار متر مكعب، وهي كمية تفوق المتوسط التاريخي للنهر، حافظ مجرى النيل على استقراره دون تسجيل فيضانات كارثية، في مشهد يعكس توازنًا دقيقًا بين الاستعداد الفني المحلي والتنسيق الإقليمي المحدود. تاريخيًا السدود السودانية الممتدة من الرصيرص وسنار إلى مروي أدت دورًا محوريًا في امتصاص تدفقات النيل، خاصة خلال ذروة التصريف في سبتمبر، حيث لم تتجاوز كميات المياه الخارجة من سد الرصيرص 550 مليون متر مكعب يوميًا. هذا الأداء يعكس فاعلية التشغيل  المدروس، والقدرة على التنبؤ بالتغيرات الموسمية عبر استخدام البيانات التاريخية وتقنيات الرصد الحديثة.  لكن هذه الكفاءة لا تنفصل عن السياق الجيوسياسي الذي يفرضه سد النهضة، إذ باتت دورات الفيضان والجفاف في ا...