المشاركات

عرض المشاركات من أكتوبر, 2025

السودان: من يتجرع السم ومن يقطف الثمار؟

صورة
وجه الحقيقة | إبراهيم شقلاوي السودان: من يتجرع السم ومن يقطف الثمار؟   منذ اندلاع الحرب بين الجيش ومليشيا الدعم السريع، يعيش السودان حالة اختطاف سياسي  تُرسم ملامحها خارج حدوده. تُفرض عليه تسويات لا تعبّر عن إرادته، بل عن رغبة الانقلابين وداعميهم في صناعة نفوذ داخل البلاد، وفي فضاء القرن الإفريقي والبحر الأحمر. جاء الموقف المصري بالأمس واضحًا كعادته، من خلال اتصالات وزير الخارجية بدر عبد العاطي بعدد من العواصم الغربية، ومع كبير مستشاري الرئيس الأميركي للشؤون العربية والأفريقية مسعد بولس، مؤكدًا ضرورة وقف إطلاق النار والحفاظ على وحدة السودان ومؤسساته الوطنية. لكن هذه الدعوات، لم تترجم إلى خطوات عملية تضع حدًا للمأساة. بل بدت وكأنها غطاءٌ سياسيا لإدارة الأزمة لا لحلّها. فبينما تتحدث واشنطن ولندن عن “الحماية الإنسانية”، كانت مليشيا الدعم السريع ترتكب فظائع في دارفور، عقب سيطرتها على الفاشر بعد مجازر مروّعة ضد المدنيين، لتعيد إلى الأذهان صور التطهير العرقي في القرون الوسطى. الواقع على الأرض لا يعكس الصورة التي تروّجها بعض وسائل الإعلام والمنظمات الدولية الداعمة للمليشي...

دبلوماسية المقاربات في زمن الحرب.

صورة
وجه الحقيقة | إبراهيم شقلاوي  دبلوماسية المقاربات في زمن الحرب.      يقف السودان اليوم عند عتبة مرحلة حرجة تحتاج إلى المقاربات لا الخطابات، وإلى عقولٍ تُحسن إدارة الحرب بقدر ما تُحسن تكتيكاتها.  لقد جاء خطاب رئيس مجلس السيادة، الفريق أول عبد الفتاح البرهان، بالأمس من داخل غرفة القيادة والسيطرة في لحظة فارقة عقب التطورات المؤلمة بمدينة الفاشر، وقد أراد أن يرسل رسائل طمأنينة وثقة إلى الداخل، ورسائل تحدٍ للمليشيا و عتاب إلى الخارج، مؤكداً أن النصر حتمي لأن الشعب والجيش في خندق واحد لأجل كرامة الامة.  غير أن الارتجال الذي شاب الخطاب أضاع فرصة ثمينة كانت سانحة لإعلان جبهة وطنية عريضة تلتف حول الدولة في معركتها الوجودية، وتعيد للسودان صوته السياسي وسط الضجيج الإقليمي والدولي المخزي. لقد كان متوقعًا أن يضع الخطاب خارطة طريق وطنية تتجاوز اللغة التعبوية إلى منهج المقاربات السياسية التي تحتاجها البلاد في هذه اللحظة. فالمعركة وإن كانت في ظاهرها عسكرية، إلا أن جوهرها سياسي ودبلوماسي بامتياز. إن النصر في الميدان لا يكتمل دون نصر في الوعي، ودون إعادة تشكيل ال...

الفاشر تعيد هندسة المشهد وترتيب الاوراق..!

صورة
وجه الحقيقة | إبراهيم شقلاوي الفاشر تعيد هندسة المشهد وترتيب الاوراق..!     سقوط الفاشر عاصمة ولاية شمال دارفور  لم يكن مجرد حدثٍ عسكري في مسار الحرب، بل محطة فارقة أعادت خلط الأوراق وأطلقت حراكًا سياسيًا جديدًا على مستوى الداخل والإقليم. فالمدينة التي صمدت أكثر من عامٍ تحت الحصار، وتصدّت لأكثر من مئتين وسبعين هجومًا متتاليًا، تحوّلت اليوم إلى رمزٍ وطنيٍّ يجسّد مأساة الحرب وملحمة الصمود كما أكد الرئيس البرهان في خطابه أمس للشعب السوداني. ومهما حاول الكثيرون تأطير ما جرى في قوالب النصر والهزيمة، فإن الحقيقة  هي أن الفاشر دشّنت فصلًا جديدًا في معادلة السودان السياسية، وربما الإجتماعية عنوانه: إعادة هندسة المشهد وترتيب الأوراق. ما حدث في الفاشر مثل  لحظة فاصلة أربك الداخل، و أجبرت الإقليم على مراجعة حساباته. فالمدينة التي تمثّل رمزًا تاريخيًا لدارفور ومركزًا اجتماعيًا ودينيا، تحوّلت إلى بوصلة سياسية وإنسانية تفضح تآمر المجتمع الدولي وتفضح الأجندات الخارجية المتصارعة على أرض السودان. الذي شكل فارق في  معركة الفاشر لم يكن ضراوة القتال وحدها، بل مقدار...

الخرطوم وواشنطن: دبلوماسية الاحتمالات..!

صورة
وجه الحقيقة |إبراهيم شقلاوي  الخرطوم وواشنطن: دبلوماسية الاحتمالات..!       تمضي واشنطن في هذه المرحلة بخطوات تهدف إلى إعادة صياغة التوازنات الإقليمية ورسم خرائط النفوذ في المنطقة، ويقف السودان في قلب هذه المعادلة، عاريًا رغم ما يملكه من فرص ليكون لاعبًا أساسيًا. تأتي زيارة وزير الخارجية محيي الدين سالم والوفد المرافق له إلى واشنطن  متجاوزة  البيانات الرسمية، إلى التسريبات المخدومة بعناية .  لاعتبارات كثيرة نحاول قرأت هذه الزيارة بصورة تقارب بين ما هو معلن وما هو أخفى بالنظر لواقع الأحداث المتلاحقة.  تدخل الخرطوم هذه المحطة وهي تحاول تثبيت حضورها كدولة قائمة وفاعلة، في ظل حرب أعادت طرح العديد من الأسئلة. فالمعركة في الميدان ليست معزولة عن معركة الدبلوماسية، والقدرة على الوصول إلى واشنطن بهذا التوقيت تحمل إشارة إلى أن الخرطوم تسعى لنقل الصراع من منطق القوة العسكرية إلى منطق السياسة والمقاربات الممكنة.  بهذا المعنى تبدو الزيارة محاولة لتأكيد أن الدولة ما زالت قادرة على مخاطبة العالم بوصفها صاحبة القرار، لا بوصفها طرفاً مفعولاً ...

السودان: تفاوض على شفير الهاوية..!

صورة
وجه الحقيقة | إبراهيم شقلاوي السودان: تفاوض على شفير الهاوية..!   تتصاعد التساؤلات حول ما يُشاع عن مفاوضات سرية بين الجيش السوداني ومليشيا الدعم السريع في واشنطن، رغم صدور بيان نفي من الحكومة ومجلس السيادة لوجود أي مفاوضات مباشرة أو غير مباشرة مع المليشيا، إلا أن هذا النفي لم يُرفق بتوضيح كامل لحقيقة الاجتماعات الجارية الآن أو طبيعة الحراك الدبلوماسي والاعلامي ، مما أبقى الموقف ضبابياً وفتح المجال للتأويل والشائعات.  فالولايات المتحدة دعت وفداً سودانياً رسمياً لاجتماع ثنائي حول الأزمة، وهو أمر طبيعي، لكن كان يمكن للحكومة أن تُعلن ذلك بوضوح منذ البداية. المسألة إذن ليست في وجود مفاوضات أو عدمها، بل في غياب الشفافية. فالإبهام يخلق أزمة ثقة بين الحكومة والشارع، ويتيح للإعلام المعادي صناعة سرديات مضللة. كان من الممكن صدور بيان شامل مبكر يوضح أن هناك لقاءات دبلوماسية مع الامريكان لا علاقة لها بالتفاوض مع المليشيا، لتجنب كل هذا الجدل. بدل أن تتعامل الحكومة مع الأمر بردود الأفعال  لتضطر تحت الضغط لتقديم  اجابات مرتبكة ، كلما اشتدت محاصرتها إعلاميا وسياسيا. ...

المسرح السوداني بين الأيديولوجيا وسؤال الحرب..؟

صورة
وجه الحقيقة | إبراهيم شقلاوي المسرح السوداني بين الأيديولوجيا وسؤال الحرب..؟    يعيد العرض المسرحي "رحلة الشفاء والصيف" إلى الواجهة تساؤلًا مهمآ طبقا للمقاربة النقدية: هل ما زال المسرح قادرًا على إنتاج وعيٍ مقاومٍ للحرب، أو على الأقل تقديم فهمٍ لأسبابها بمعزل عن سرديات  الانقلابين؟ وهل يستطيع أن يسهم في ترميم النسيج الوطني الذي مزقته النخب وصراعاتها الأيديولوجية؟ العرض، الذي احتضنته العاصمة الأوغندية كمبالا في منتصف سبتمبر 2025، من توقيع الكاتب والمخرج مختار النور شرارة، أحد الأسماء الصاعدة في المشهد المسرحي السوداني، الذي اختار أن يشتبك مباشرة مع سؤال: من أطلق الطلقة الأولى؟ من خلال الدراما السياسية . شارك في البطولة كلٌّ من سجدة حسن، في أداء عاطفي مشحون بديناميكية داخلية لافتة، ومحمد الطاهر مامدو، الذي جسّد دور البطل – الضحية، أو "الجثمان الحي" بلغة تجمع بين العبث والحكمة، بين الموت والاحتجاج. أما التنفيذ الفني فشارك فيه محمد الدون في تصميم المؤثرات الصوتية والإضاءة، مانحًا العرض بعدًا سمعيًا وبصريًا متماسكًا، وأحمد هارون كمساعد مخرج. العمل بدأ متكاملً...

كان أكتوبر في أمتنا منذ الأزل..

صورة
وجه الحقيقة | إبراهيم شقلاوي كان أكتوبر في أمتنا منذ الأزل..   في تاريخ الأمم ثمة لحظات تتجاوز كونها مجرد أحداث سياسية، لتغدو محطات مهمة في تشكّل الوعي الجمعي، وتحديد معالم المستقبل. هكذا كانت ثورة 21 أكتوبر 1964 في الذاكرة السودانية؛ لم تكن فقط انتفاضة شعب ضد نظام عسكري، بل كانت إعلاناً بأن الشعب السوداني يمتلك وعياً سياسياً متقدماً، وإرادة متجذرة في كراهية الاستبداد، ورفض التبعية. في أكتوبر الثورة قدم السودان نفسه للعالم كأمة واعية ، لا تقبل الخضوع لحكم الفرد أو الهيمنة الخارجية. ولم تكن هذه الثورة مجرد فورة شعبية، بل ثمرة تنظيم دقيق قادته النقابات المهنية والطلابية، والنخب السياسية مجتمعة والتي تلاقت على مبدأ: الوطن الحر غير المرتهن. غير أن المقارنة بين ثورتي أكتوبر 1964 وديسمبر 2019 تكشف تباينًا صارخًا بين من حمل مشروع دولة، ومن استند إلى خطابٍ فوضوي حالمٍ بلا مضمون سياسي. فبينما أفرزت الأولى حكومةً انتقالية بتوافقٍ وطنيّ حقيقي، سقطت الثانية في فخّ التصنيفات الأيديولوجية الحادّة، وانقسمت النخبة السياسية إلى قوى مرتبكة  لا تُجيد سوى خطاب الكراهية، ومؤسسةٍ عسكرية...

سد النهضة وسؤال الأمن الغذائي ؟

صورة
وجه الحقيقة | إبراهيم شقلاوي سد النهضة وسؤال الأمن الغذائي ؟   في ظل الواقع المتأزم الذي تعيشه بلادنا نتيجة الحرب الممتدة، تتصاعد التحديات أمام الدولة في سعيها لتحقيق الأمن الغذائي، باعتباره قضيةً ترتبط ارتباطًا وثيقًا بمستقبل الدولة ومصير الشعب. أكد وزير الزراعة بروف عصمت قرشي أمس أن تحقيق الأمن الغذائي واجب وطني وأخلاقي، مشددًا على أهمية ضمان حصول كل أسرة سودانية على الغذاء. كما دعا إلى العمل الجماعي لبناء أنظمة غذائية مستدامة في ظل تحديات الحرب والمناخ، موضحًا أن السودان يمتلك إمكانات زراعية ضخمة تؤهله لأن يكون سلة غذاء للمنطقة، إذا ما توافرت الجهود المحلية والدولية لدعم الإنتاج والمزارعين المتأثرين بالنزاعات. جاءت هذه التصريحات خلال الاحتفال بـيوم الأغذية العالمي لعام 2025، الذي نظمته وزارة الزراعة والري بالتعاون مع منظمة الأغذية والزراعة للأمم المتحدة (الفاو) تحت شعار «يدًا بيد من أجل غذاء أفضل ومستقبل أفضل». وهو شعار يحمل دلالات سياسية بامتياز، في وقت يشهد فيه السودان حالة من السيولة وعدم الاستقرار . إن تأكيد الوزير على إمكانية تحوّل السودان إلى سلة غذاء إقليمية، ...

الهيمنة الناعمة وصناعة التبعية..!

صورة
وجه الحقيقة | إبراهيم شقلاوي الهيمنة الناعمة وصناعة التبعية..!    في الوقت الذي يتجاوز فيه العالم الحديث عن مظاهر الاستعمار التقليدي، عادت أشكال جديدة ،أكثر خفاءً عرفت بالهيمنة الناعمة. لتطل برأسها تحت عباءة "الدعم الدولي"، متخذة من الأزمات الداخلية نافذة للتدخل وصياغة التوازنات الجديدة على حساب السيادة والإرادة الوطنية. السودان اليوم في قلب هذا التحدي لإعادة إنتاج نظام إقليمي ودولي يعيد تعريف الدولة الهشة بوصفها وظيفة لا ذاتًا، تابعة منقادة لا فاعلة ذات سيادة. ومن هنا، فإن دور الرباعية الدولية – الولايات المتحدة، بريطانيا، السعودية، والإمارات – لا يمكن قراءته بمعزل عن ذلك فهي ليست "وساطة سياسية"، بل أداة هندسة استراتيجية للبلاد والمنطقة، تعيد هذه الدول من خلالها ضبط توازن القوة في القرن الإفريقي والبحر الأحمر، بما بتوافق مع مصالحها . منذ سقوط نظام عمر البشير عام 2019، دخل السودان مرحلة كان يمكن أن تكون تأسيسية لدولة مدنية ديمقراطية، لو تُركت لتنضج في سياقها الوطني. لكن القوى الإقليمية و الدولية سارعت إلى ملء الفراغ ، استباقًا لأي مسار قد يخرج عن السيطرة...

السودان: مأزق حصاد الانتصار..!

صورة
وجه الحقيقة | إبراهيم شقلاوي السودان: مأزق حصاد الانتصار..!     يعيش السودان اليوم واحدة من أكثر لحظاته التاريخية تعقيدًا وازدواجيةً في المسار السياسي والعسكري؛ إذ يقف على حافة الانتصار الوطني من جهة، وعلى تخوم الاستلاب السياسي من جهة أخرى، في لحظة حرجة يمكن وصفها بأنها مأزق حصاد الانتصار. كان يفترض أن يحصد الشعب السوداني ثمار تضحياته، غير أن الضغوط الدولية والإقليمية تهدّد باختطاف لحظة النصر، كما حدث في محاولات سابقة لاختطاف الدولة عبر دعم انقلاب مليشيا «الدعم السريع» في 15 أبريل 2023، بالتواطؤ مع قوى سياسية محلية سعت لتشكيل المشهد بمعزل عن  إرادة الشعب. هذه اللحظة الحاسمة والملتبسة لا يمكن قراءتها في إطار المعارك العسكرية وحدها، بل في سياق سياسي أوسع، يتمثل في محاولات فرض حلول خارجية لتحديد مسار الحرب والتحكم في نهايتها. غير أن المرحلة الوطنية تتطلب رؤية سياسية وطنية خالصة، تنبع من الداخل، وتؤمّن القرار الوطني بعيدًا عن الإملاءات الأجنبية. منذ اندلاع الحرب، واجه السودان تحديات عسكرية كبيرة، حيث يسعى الجيش السوداني لاستعادة السيطرة وبسط الأمن في دارفور وكردفا...

التسوية السياسية واستحقاقات العدالة..!

صورة
وجه الحقيقة | إبراهيم شقلاوي  التسوية السياسية واستحقاقات العدالة..!     يشهد الملف السوداني هذه الأيام ضغوط دولية وإقليمية لدفع الأطراف السودانية نحو تسوية سياسية خانعة، تتعدد دوافعها وتتناقض أهدافها. لقاء في القاهرة الخميس جمع الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي بكبير مستشاري الرئيس الأمريكي دونالد ترامب ، مسعد بولس، تناول سبل إنهاء الحرب في السودان والتي تدخل عامها الثالث. جاء اللقاء في سياق الرباعية الدولية، والتي تضم الولايات المتحدة والسعودية ومصر والإمارات.  وقد بدأ واضحًا من التصريحات الرسمية أن القاهرة تسعى لتثبيت موقعها كضامن إقليمي لأي تسوية مقبلة، بالنظر إلى ما أنجزته في غزة بينما تتطلع واشنطن إلى إعادة ضبط توازنات الإقليم من بوابة الملف السوداني. في المقابل شهدت العاصمة الإيطالية روما  ،تحركًا دبلوماسيًا موازياً، ضم السعودية وتشاد والولايات المتحدة، في محاولة لصياغة رؤية مشتركة حول مستقبل السودان. وبهذا يبدو أن الرباعية تعمل على فرض تسوية تُعيد إنتاج الاتفاق الإطاري السابق، لكن بحلّة معدّلة، تسعى لدمج ميليشيا الدعم السريع ضمن المشهد الس...

زيارة القاهرة وهندسة مشهد التسوية..!

صورة
وجه الحقيقة | إبراهيم شقلاوي زيارة القاهرة وهندسة مشهد التسوية المحتملة..!      جاءت زيارة رئيس مجلس السيادة  الفريق أول ركن عبد الفتاح البرهان إلى القاهرة أمس في لحظة سياسية حرجة, و تحولات إقليمية متسارعة وضغوط دولية متجددة لإنتاج تسوية تنهي الحرب في البلاد. لقد حملت هذه الزيارة التي تمت بدعوة رسمية واستقبال رئاسي في قصر الاتحادية، أبعادًا تتجاوز الطابع البروتوكولي، لتدخل مباشرة في صميم المعادلات الجيوسياسية الجديدة في المنطقة ، خصوصًا بما يتعلق بمستقبل السودان وموقعه ضمن التوازنات الإقليمية والدولية. لقاء الرئيسين  جاء في إطار حراك دبلوماسي مدروس، يهدف إلى إعادة ترتيب التحالفات استعدادًا لاجتماع الآلية الرباعية المنتظر في واشنطن خلال أكتوبر الجاري، بحسب بيان الرئاسة المصرية وهو ما لم يتطرق إليه وزير الخارجية السوداني محي الدين سالم في تصريحاته عقب الزيارة، حيث قال ان الزيارة شملت تقديم التهاني للرئيس  السيسي على النجاح الذي حققته قمة شرم الشيخ . وشكر مصر على مواقفها الثابتة تجاه السودان في مختلف المجالات. و الأوضاع الإنسانية المأساوية في الفاش...

سبعة محافظين... ولا استقرار!

صورة
وجه الحقيقة | إبراهيم شقلاوي سبعة محافظين... ولا استقرار!   في الأوقات العصيبة التي تمرّ بها الأمم، تلجأ الدول عادةً إلى تعزيز مؤسساتها المالية والاقتصادية كحائط صدّ أخير ضد الانهيار المحتمل. لكن في السودان يبدو ما يحدث هو العكس. ففي خضم صراع متعدد الوجوه – سياسي، اقتصادي، وأمني – يعيش بنك السودان المركزي حالة من الارتباك الممنهج . فأن يُعيَّن سبعة محافظين خلال ست سنوات، في بلد يئنّ تحت وطأة التضخم والانكماش وتدهور سعر الصرف، ليس مجرد خلل إداري، بل تعبير صريح عن غياب الإرادة المؤسسية وافتقار الرؤية. فبين قرارات الإعفاء والتعيين تضيع فرص بناء المؤسسات الراسخة، وتغيب مساحات التخطيط السليم ، ويغيب معها أهم ما تحتاجه البلاد في ظرفها التاريخي الحرج : الاستقرار. منذ سقوط نظام البشير عام 2019، لم تنجح أي حكومة في ترسيخ استقلالية البنك المركزي كما نصّت عليها الوثيقة الدستورية. ويكفي أن نستذكر ذلك المشهد الشهير حين سُئل رئيس الوزراء الأسبق د. عبدالله حمدوك عن الجهة التي يتبع لها البنك المركزي، فتلعثم وأحال الامر إلى رئيس مجلس السيادة، رغم أن الوثيقة كانت تنص صراحة على تبعيته الي...

أمن المعلومات واستعادة البيانات..

صورة
وجه الحقيقة | إبراهيم شقلاوي أمن المعلومات واستعادة البيانات..    يكتنف المشهد السوداني الراهن تحديات معقدة وأزمات بنيوية ملتبسة، تمسّ سيادة الدولة واستقلال قرارها الوطني. خلال هذه الظروف، تمرّ أحيانًا بعض الأخبار المهمة دون أن تحظى بما تستحقه من اهتمام وتأمل. من ذلك ما تداولته الوسائط الإعلامية مؤخرًا حول استعادة وتشغيل المركز القومي للبيانات بالخرطوم، وهو خبر يعكس تحوّلًا كبيراً في بنية الدولة السودانية، وربما لحظة سيادية فارقة في مسارها المعقد نحو استعادة تماسكها الأمني . إن إعلان وزير التحول الرقمي والاتصالات، المهندس أحمد الدرديري، عن إعادة تشغيل المركز القومي بعد اكتمال تأهيله الفني والتقني، على مساحة تُقدّر بـ1300 متر مربع، وتجهيزه بأنظمة الحوسبة السحابية وأمن البيانات والذكاء الاصطناعي، لا يمكن اعتباره مجرد إنجاز إداري، بل هو إشارة إلى تحوّل في الذهنية الرسمية للدولة، التي بدأت – على ما يبدو – في إعادة التفكير في أدوات السيطرة، ومفاتيح القرار، ومنطلقات إعادة البناء للمرحلة المقبلة. فالمركز القومي للبيانات لا يمثل مجرد بنية تحتية رقمية، بل يُعدّ عصبًا حيويًا...

السودان وتركيا.. شراكة لا تقبل الاحتمالات.

صورة
وجه الحقيقة | إبراهيم شقلاوي  السودان وتركيا.. شراكة لا تقبل الاحتمالات.      تُعد العلاقة السودانية التركية واحدة من أكثر الشراكات الإقليمية الواعدة التي ما تزال رهينة الحسابات السياسية أكثر من كونها خاضعة لرؤية استراتيجية  نابعة من الواقع السوداني ومتطلبات المرحلة.  فعلى الرغم من أن تركيا لم تُخفِ في أي وقت حرصها على تعزيز وجودها في السودان، سواء من خلال دعمها للحكومة السودانية ، أو عبر توسيع استثماراتها في مجالات الطاقة والزراعة والتعليم، إلا أن الجانب السوداني لم يُظهر القدر الكافي من الجدية على إدارة هذا الملف بما يتناسب مع حجمه وأبعاده. لقد كانت زيارة الرئيس التركي رجب طيب أردوغان إلى الخرطوم في ديسمبر 2017 علامة فارقة في تاريخ العلاقات بين البلدين، باعتبارها أول زيارة لرئيس تركي منذ استقلال السودان، كما جاءت محمّلة بإشارات عملية، تمثلت في اصطحابه لوفد اقتصادي ضم 200 من رجال الأعمال وتوقيع 12 اتفاقية تعاون في مجالات متعددة، واهتمام واضح بإحياء الأواصر التاريخية من خلال زيارته لمدينة سواكن. ومع ذلك فإن غياب آلية واضحة للتنفيذ، وافتقار الجان...

السودان بين البودكاست والجزيرة مباشر ..!

صورة
وجه الحقيقة | إبراهيم شقلاوي السودان بين البودكاست والجزيرة مباشر ..!   المشهد الوطني في بلادنا يفتقر إلى حضور النخب  الفاعلة، التي بدت في حالة من التراجع والتوهان ، بينما تهيمن منصات البودكاست وقناة "الجزيرة مباشر" على الفضاء الإعلامي بمحتوى متباين، يختلف في جودته وعمقه، كما أن هناك فراغًا واضحًا نتيجة غياب الصالونات الفكرية والسياسية التي كانت في يوم من الأيام منابر وطنية تأخذ على عاتقها توجيه الرأي العام وصياغة الرؤى المستنيرة و المتبصرة. في هذا المقال نحاول مناقشة هذه الأفكار، أزمة الحوار الوطني في السودان، وتاريخ الصالونات السياسية، ونقترح خارطة طريق لإعادة بناء الفضاء العام بعيدًا عن الاستقطاب وضجيج الشعارات. ومن المهم التذكير أن هذه المنابر ليست وليدة العقد الأخير، بل تعود جذورها إلى ما قبل الاستقلال 1956، حيث كانت الصالونات الفكرية تمثل تقليدًا أصيلًا في الحياة السياسية السودانية. وُجدت مثل هذه الفضاءات منذ خمسينيات القرن الماضي، فاحتضنت النقاشات حول الاستقلال، والديمقراطية، والسيادة الوطنية، ورافقت محطات التحول السياسي الكبرى في البلاد. حيث شكّلت لبنات أس...

زيارة موسكو... تعزيز استراتيجية المصالح.

صورة
وجه الحقيقة | إبراهيم شقلاوي زيارة موسكو... تعزيز استراتيجية المصالح.   الخرطوم التي دخلت العام الثالث من الحرب، تقف عند مفترق طرق. من جهة، تسعى لحماية مؤسساتها الوطنية واستعادة الدولة، ومن جهة أخرى، تواجه محاولات مكثفة لتقويض سلطتها عبر مشاريع سياسية جاهزة، تحاول فرض قوى مدنية مصنوعة ، بينما يتم تجاهل واقع السيطرة العسكرية على الأرض و القوي السياسية الوازنة.  يزور الفريق أول عبد الفتاح البرهان رئيس مجلس السيادة العاصمة الروسية موسكو، للمشاركة في القمة الروسية – العربية المرتقبة منتصف أكتوبر الجاري. الزيارة، رغم أنها  تبدو طبيعية في سياق العلاقات الثنائية، تحمل أيضآ دلالات استراتيجية، لاسيما أنها تأتي في لحظة سياسية دقيقة، تتسم بمحاولات ضاغطة لإعادة صياغة المشهد السوداني من الخارج، وبشكل يتجاهل توازنات الداخل ومصالح الدولة الوطنية. في هذا المناخ،  تبدو موسكو خطوة محسوبة لإعادة التموضع وتوسيع هامش الخيارات امام القيادة السودانية . كذلك ربما تمثل  إدراكًا عميقًا للواقع السياسي المعقد، الذي تسعى فيه الخرطوم إلى تعزيز استقلالية قراراتها في ظل بيئة دولية ...