المشاركات

البرلمان الغائب ومأزق الوصاية الدولية..!

صورة
وجه الحقيقة | إبراهيم شقلاوي البرلمان الغائب ومأزق الوصاية الدولية..!     لاشك أننا جميعا متفقون على أن البرلمان أو المجلس الوطني هو التعبير الأوضح عن الإرادة الوطنية المنظمة. فحين يغيب، يغيب صوت الشعب و تنكشف الدولة أمام احتمالات الوصاية، وتُفتح  الأبواب أمام الإملاءات الخارجية التي  تسعى لإعادة تشكيل القرار الوطني وفق مقاييسها الخاصة. في هذا المقال دعونا نفتح هذا الملف.  لقد كان قيام البرلمان الإنتقالي أحد أبرز استحقاقات الوثيقة الدستورية منذ نسختها الأولى في أغسطس 2019، غير أن السنوات انقضت والمجلس ظلّ وعدًا مؤجلاً. حتى بعد تعديل الوثيقة في عام 2025، وتشكيل لجنة سياسية برئاسة الفريق أول شمس الدين كباشي وعضوية الفريق أول ياسر العطا وعبد الله يحيى، لم يرَ المشروع طريقه إلى الواقع.  اللجنة التي بدأت لقاءاتها مع القوى السياسية ومنظمات المجتمع المدني والفاعلين  تبخّرت فجأة، دون بيان ختامي أو توضيح لمسار أعمالها. ومع أن الوثيقة المعدلة حدّدت بدقة تركيبة البرلمان وضمان تمثيل أطراف العملية السلمية والنساء، وحددت سقف العضوية بثلاثمائة عضو، إ...

النازيون الجدد وضمير العالم..!

صورة
وجه الحقيقة | إبراهيم شقلاوي النازيون الجدد وضمير العالم..!    في مشهد يعيد إلى الأذهان أفظع صفحات التاريخ، تعيش مدينة الفاشرِ اليوم مأساة إنسانية  تجعلها في مقدّمة المدن التي كُتب عليها أن تكون شاهدًا على سقوط الضمير العالمي والقيم الإنسانية.  مسرح إبادة جماعية مكتملة الأركان، مسرح يعيد إلى الذاكرة ملامح "الهولوكوست"، تلك المحرقة التي ارتكبها النظام النازي في الحرب العالمية الثانية، حين تحولت الكراهية إلى صناعة منظمة للقتل. واليوم تُستعاد تلك الفظائع في دارفور، على يد مليشيا تتجاوز كونها قوة متمردة إلى مشروع سياسي– إثني يسعى لإعادة تشكيل البلاد بحدّ السكين والنار. ما يجري في الفاشر يشكّل أخطر تطور في مسار الحرب السودانية. فالمليشيا لم تعد تبحث عن مكاسب تفاوضية، بل عن هندسة سكانية، سياسية جديدة تمهد لسلطة موازية للدولة، تُبنى على العنف، وتدار بمنطق أمراء الحرب الذي عرفته  مؤخرا  افريقيا جنوب الصحراء . حرق القرى، والتهجير القسري، والقتل على الهوية، والاغتصاب الجماعي، وحصار المدن. جميعها ليست أعمالًا عشوائية بل أدوات منهجية لتفكيك السودان  وت...

أنقرة والدوحة: مسار محتمل لسلام السودان

صورة
وجه الحقيقة | إبراهيم شقلاوي أنقرة والدوحة: مسار محتمل لسلام السودان   الحرب التي تعيشها بلادنا منذ أبريل 2023، والتي أسفرت عن مقتل عشرات الآلاف وتشريد نحو 13 مليون شخص وانهكت اقتصاد البلاد ، فرضت واقعًا معقدًا جعل الحاجة إلى مسار تفاوضي بديل أمرًا ملحًّا. أمام هذا الخزلان و العجز السياسي الإقليمي والدولي تبرز تركيا وقطر عبر مسار تفاوضي محتمل يستند إلى فهم طبيعة الصراع، ورغبة جادة في الوصول إلى حلول لا تتجاهل الدولة ولا تُكافئ التمرد. تكمن أهمية التوقيت الحالي في عدة عناصر. أولها توافق الرؤية بين أنقرة والدوحة حول طبيعة الصراع في السودان، فهما تتفقان على أن المواجهة ليست حرباً بين طرفين متكافئين، بل هي تمرد من قوات الدعم السريع ضد الدولة، وهو تعريف يحرر أي مسار وساطة من الانحياز المخزي ويضع الضغوط على المتمردين مع الحفاظ على الدولة. ثانيها الانفتاح على الحوار الواقعي، إذ لا تحمل تركيا وقطر أطر مصالح مسبقة أو مواقف ذات اجندة، بل ينطلقان من ضرورة التوصل إلى سلام مستدام عبر التفاوض المباشر، دون فرض خارطة طريق مسبقة، كما تحاول الرباعية. هذا التوجه يجعل من الممكن...

يرفعون المصاحف على أسنّة الرماح

صورة
وجه الحقيقة | إبراهيم شقلاوي  يرفعون المصاحف على أسنّة الرماح    عشية إعلانها قبول الهدنة التي طرحتها الرباعية الدولية المأزومة، كانت مليشيا الدعم السريع تواصل هجماتها بالطيران المسيّر على أم درمان وعطبرة والأبيض، في مشهدٍ يكشف ازدواجية السلوك وفقدان المصداقية. وما إعلانها قبول الهدنة إلا استعادة لصفحات التاريخ يوم رُفعت المصاحف على أسنّة الرماح في صفّين، لا طلبًا للحق، بل هروبًا من الهزيمة. واليوم ترفع المليشيا الرايات البيضاء ذاتها، لا رغبةً في السلام، بل محاولةً لشراء الوقت وإعادة التموضع في خريطة الصراع السوداني، وسط تصفيق أطرافٍ دوليةٍ ما زالت تتعامل مع الأزمة بمنطق الأجندات لا المبادئ. يجب التعامل مع هذا الإعلان بما تبعه من انتهاكات للمدنيين ،بوصفه مناورةً سياسية وتكتيكية، لا تحولًا أخلاقيًا. فالمليشيا التي ارتكبت جرائم وحشية في الفاشر والجنينة، وثّقتها تقارير أممية ودولية بوصفها جرائم حربٍ وجرائم ضد الإنسانية، لا يمكن أن تصبح فجأة طرفًا إنسانيًا محايدًا. لذلك قبول الهدنة ليس تعبيرًا عن التزام بالسلام، بل أداة لإعادة التموضع: لامتصاص الغضب الدولي والإقلي...

مشروع الجزيرة الجديد.. فرصة لهندسة التنمية

صورة
وجه الحقيقة | إبراهيم شقلاوي مشروع الجزيرة الجديد.. فرصة لهندسة التنمية     يعتبر قرار رئيس الوزراء د. كامل إدريس بإعادة تبعية إدارة الري إلى مشروع الجزيرة خطوة سياسية وتنموية بالغة الأهمية، تحمل مؤشرات لتحوّل قد يعيد ترتيب بيت الزراعة السوداني . فالقرار يعبّر عن إدارة جديدة للتنمية وإعادة بناء مؤسسات الدولة بعد سنوات الحرب. تأسس مشروع الجزيرة في العام 1925 عقب اكتمال خزان سنار والبنية التحتية  لري الأراضي. يمتد المشروع على مساحة تُقدَّر بنحو 2.2 مليون فدان، وكان أحد أعمدة الاقتصاد القومي وأدوات الأمن الغذائي، قبل أن يتراجع في العقود الأخيرة نتيجة ضعف الإدارة وتدهور البنية التحتية، خصوصًا في منظومة الري التي تُعد العمود الفقري للإنتاج. بموجب القرار رقم (173)، شُكّلت لجنة للتسليم والتسلّم  بين وزارة الري وإدارة مشروع الجزيرة تمهيدًا لإنشاء وحدة مستقلة لإدارة الري. هذا النموذج ربما يستلهم تجربة "وحدة تنفيذ سد مروي" التي تحوّلت لاحقًا إلى "وحدة تنفيذ السدود"، وأثبتت أن الإرادة السياسية المقرونة بالكفاءة الفنية قادرة على إحداث طفرة تنموية حقيقية، من خلال انج...

التحول الرقمي : مدخل للإصلاح التنموي و السياسي

صورة
وجه الحقيقة | إبراهيم شقلاوي  التحول الرقمي : مدخل للإصلاح التنموي و السياسي    أعلن رئيس الوزراء  د. كامل إدريس بالأمس عن تأسيس ثلاث هيئات وطنية تحت إشراف وزارة التحول الرقمي والاتصالات، تشمل هيئة التحول الرقمي، وهيئة البيانات والذكاء الاصطناعي، وهيئة الأمن السيبراني. ماذا يعني ذلك؟  هذه الخطوة المهمة تعني ان حكومة "الأمل" بدأت تعمل في إعادة بناء الدولة ووضع السودان على طريق المؤسسات الحديثة، مستندة إلى المعرفة، الكفاءة، والتحول الرقمي، وهو توجه يعكس إدراك القيادة لأهمية التكنولوجيا كأداة استراتيجية للإصلاح السياسي والإداري والتنموي. تسعى هذه الهيئات إلى توحيد البنية التحتية الرقمية وتحسين إدارة البيانات والمعلومات بما يعزز قدرة الدولة على اتخاذ قرارات دقيقة وفعالة، ويعيد الثقة بين المواطن والحكومة وكافة مؤسسات الدولة التي باتت ملزمة بالمواكبة والتطوير والانسجام ضمن هذه الخطة الواعدة التي تضع البلاد في الطريق الصحيح. أسوة بباقي البلاد التي دخلت هذا المجال مبكرا .   فقد أثبتت تجارب دول مثل سنغافورة، ماليزيا، وكوريا الجنوبية أن الاستثمار في ...

السودان.. فرض الإرادات وصناعة السلام

صورة
وجه الحقيقة | إبراهيم شقلاوي السودان.. فرض الإرادات وصناعة السلام برفضه الهدنة المطروحة من قِبل الرباعية، أكد الجيش السوداني تمسكه بخياره الاستراتيجي في مواصلة الحرب حتى إخضاع التمرد، انطلاقًا من قناعته وتجاربه السابقة بأن أي هدنة تُفرض دون شروطٍ حقيقية ليست سوى غطاء لإعادة تموضع المليشيا والتقاط  أنفاسها السياسية والعسكرية. ورغم ما يبدو من تشدّد في هذا الموقف لدي الإقليم، إلا أنه يجد تعاطفًا شعبيًا واسعًا، لأنّ شعبًا ذاق مرارة المجازر والانتهاكات في الفاشر، وبارا، والجنينة، وود النورة، والهلالية، والسريحة، لا يمكن أن يقبل بعودة تلك المليشيا إلى المشهد الوطني بأي مسمى سياسي أو إنساني. قرار مجلس الأمن والدفاع بالأمس بالمضي في التعبئة العامة ، يعكس رؤية استراتيجية لإعادة تعريف الحرب نفسها بوصفها معركة وجودية للمحافظة علي بقاء الدولة، لا صراع سلطة كما يحاول البعض تصويرها.  فقد أدركت المؤسسة العسكرية بتجاربها السابقة  أنّ التسوية، في ظل استمرار الدعم الخارجي للتمرد وتناقض الإرادات الدولية، لن تصنع سلامًا مستدامًا بل ستعيد إنتاج الأزمة في صورة أكثر فظاعة . لذلك بحس...

حكومة الأمل ودبلوماسية الحرب

صورة
وجه الحقيقة | إبراهيم شقلاوي حكومة الأمل ودبلوماسية الحرب    لماذا لا يستثمر الدكتور كامل إدريس رئيس الوزراء،  الفرصة السياسية المتاحة الان؟، لإعادة صياغة موقع السودان في المشهدين الإقليمي والدولي، عبر توظيف الضغط السياسي والإعلامي والدبلوماسي لإخراج البلاد من الحرب وتصنيف ميليشيا الدعم السريع كمنظمة إرهابية.   تبدو الحاجة ملحّة  ليطلق إدريس مبادرة شاملة تحت اسم "مبادرة السلام  واستعادة الأمن"، تُقدَّم كخيار سوداني خالص يوازي مبادرات الهدنة المطروحة، وتُعرض على عدد من الدول ذات المواقف المتوازنة مثل الصين وروسيا وتركيا وباكستان ومصر والسعودية والجزائر وقطر. تقوم المبادرة على وقف القتال بانسحاب المتمردين من دارفور وكردفان وتنفيذ اتفاق جدة ووقف الدعم الخارجي للمليشيا، تمهيدًا لـحلٍّ سياسي شامل يمضي بالتوازي مع الترتيبات الأمنية، يعالج جذور الأزمة على غرار التسوية السياسية ما بعد ثورة  21 أكتوبر 1964، بما يُعيد المبادرة للداخل ويُنهي احتكار الخارج لخطاب السلام الزائف . ولتحقيق ذلك يتعيّن على رئيس الوزراء تبنّي رؤية سياسية متكاملة تستند إل...

الرباعية ومسرح الدم السوداني

صورة
وجه الحقيقة | إبراهيم شقلاوي الرباعية ومسرح الدم السوداني    في مسرح الحرب السودانية المليء بالفرجة و الفواجع، يبدو الحديث عن هدنة لثلاث اشهر ووقف اطلاق النار كفصول جديدة من مأساة لم تُكتب نهايتها بعد. هدنةٌ تلو أخرى، تتوالى بعناوين براقة وشعارات إنسانية من قبيل “إيصال المساعدات” وأمان المدنيين ”، لكن خلف هذه اللغة الدبلوماسية الناعمة، يتسع نزيف الوطن ويضيق الأمل وتعظم التحديات. منذ اندلاع الحرب في أبريل 2023، تعاقبت المبادرات التي قادتها ما تعرف بـ الرباعية الدولية ، الولايات المتحدة، السعودية، مصر، والإمارات. دون أن تضع حدًا للنزاع، بل تحوّلت إلى ما يشبه “غرفة الإخراج” لصراع  يُدار بذكاء  يستهدف تفكيك الدولة السودانية، تُكتب مشاهده في العواصم البعيدة بينما يُعرض دمه على مسرح الوطن. لقد بات واضحًا أن هذه الهدن لم تُصمَّم لإنقاذ المدنيين، بل لالتقاط أنفاس الميليشيا وإعادة تموضعها ميدانيًا، بينما يستمر الجيش في خوض معركة يُراد لها أن تُستنزف المؤسسة والموارد. الخطأ الأكبر الذي ارتكبته الرباعية هو اختزال الأزمة السودانية في معادلة سياسية ضيقة، تتجاهل عمقها ...

خذلان المجتمع الدولي وصعود الوعي الشعبي

صورة
وجه الحقيقة | إبراهيم شقلاوي خذلان المجتمع الدولي وصعود الوعي الشعبي     في زمنٍ خذلت فيه المؤسسات الرسمية شعوبها، وغابت المنابر التي تزعم حراسة القانون والقيم ، نهض الضمير الإنساني من خارج القصور وأروقة السلطة الكذوب، فكانت كلمة الحق تخرج من أفواه الناشطين والإعلاميين والمبدعين والرياضيين وأهل الفن  لأجل السودان، ولأجل إنسان الفاشر، المحمل والسلطان والعزيمة.  شكرًا لكل من تضامن مع بلادنا بصدق وأمانة في زمن الصمت المريب والعجز عن اتخاذ القرار. شكرًا لأهل الإعلام ومواقع التواصل الاجتماعي الذين حوّلوا الألم إلى وعي، ونقلوا صوت المكلومين إلى ضمير العالم. وشكرًا للإعلاميين  وأهل الدراما والفنانين الذين وثّقوا المأساة مشهد وأغنية وشعرا ولم يساوموا على الحقيقة أو تلتبس عندهم قيمة الإنسان.  الشكر كذلك لزملاء المهنة من الصحفيين في مصر، والسعودية، والكويت، وقطر، واليمن، والمغرب، والجزائر، وموريتانيا، وإريتريا، ولكل من كتب كلمة تضامن مع بلادنا من بريطانيا، وأميركا، وإسبانيا والسويد .  من غانا والسنغال شكر لجميع عواصم الشعوب الحرة التي دعمتنا وال...